المنتدى العربي الأول للتحميل المباشر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
avatar
sami
عضو من منظمة الهكر الجزائرية
عضو من منظمة الهكر الجزائرية
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 1880
نقــــاط السمعــــة : 12
تاريخ التسجيل : 02/07/2009
العمر : 34
المزاج : ملل
الدولة : فن القيادة 1376060383691
الأوسمة :
https://all-down.all-up.com

هام فن القيادة

2010-05-25, 12:15
فن القيادة (1) ... مفهوم وأهمية القيادة


فريد مناع

في يوم من الأيام، جلس حسن على شاطئ البحر يستذكر أيام طفولته، حين كان يذهب مع جده في رحلاته البحرية، فقد كان جده بحارًا ماهرًا، تعلم على يديه كثير من البحارة أصول هذه المهنة.
تذكر كيف كان جده ينظم عمل مساعديه من البحارة الآخرين، وتذكر كيف كان يقف في مقدمة السفينة، ينظر بمنظاره المكبر؛ فيستشرف الأخطار، وكيف كان يوزع المهام على البحارة الآخرين، وكيف كان يتابع عملهم، تذكر كيف كان ذا همة عالية وطاقة متجددة، فكان يبعث فيهم الحمية والحماسة.
جالت كل تلك الأفكار في رأسه وهو جالس على شاطئ البحر، وبينما هو كذلك إذ مر به صديقه أحمد، فسأله قائلًا: (ما الذي أجلسك ها هنا يا حسن؟)، فتنهد حسن طويلًا ثم أخذ يقص عليه ما كان يجول في خاطره، وصديقه أحمد ينصت إليه باهتمام.
فما إن أنهى حسن حديثه، حتى قال له أحمد وابتسامة الاستنكار تعلو ثغره: (أما زالت تعيش مع تلك الذكريات؟! حاول أن تنسها، فأنت لا تجيد ركوب البحر، فلماذا تقحم نفسك في هذه الأمور؟!)، فرد عليه حسن وقال: (ولكن جدي كان ...)، فقاطعه أحمد مرة ثانية قائلًا: (ها أنت تقولها من جديد، جدي كان، أي أن ذلك هو الماضي، والماضي لن يعود، فعش حاضرك، ولا تستلهم تلك الذكريات الرائعة من الماضي).
انتهى الحديث بين الصديقين على ذلك النحو، وانصرف كلٌّ منهما إلى حال سبيله، ولكن الفكرة بدأت تبزغ في ذهن حسن، لماذا لا يكون بحارًا عظيمًا كجده؟! وما الذي يحول بينه وبين إعادة أمجاد الأجداد؟! أو ليست نفس الدماء تجري في العروق؟! فلماذا لا يعيد الكرة ويكرر المحاولة؟!
فعقد حسن العزم على أن يعيد المسيرة، ذهب إلى أبيه وطلب منه مفتاح المخزن الذي كان يضع فيه الجد قاربه؛ فتعجب الأب من طلب ابنه حسن، ولكنه أعطاه مفتاح المخزن الذي لم يُفتح منذ وفاة الجد؛ فالأب قد استولت عليه أحلام السفر إلى المدينة بعيدًا عن أجواء البحر، وانشغل عن وظيفة أبيه، فما حقق أحلامه في الحياة، ولا أعاد سيرة أجداده.
أخذ حسن المفتاح ويمم وجهه تلقاء مخزن الجد، وكله أمل ويقين في أنه سيعيد حتمًا تلك الأمجاد، وسيخرجها من دفتر الذكريات إلى دفتر الواقع.
ولكن ما إن وطأت قدماه داخل المخزن حتى هاله ما رأى، فالمخزن أصبح مهجورًا، والغبار قد علا القارب حتى صار عليها طبقات يعلو بعضها فوق بعض، وأخشاب القارب قد أتى عليها الزمن؛ فأحال قوته ضعفًا، وأحال جماله وبهاءه الذي تعود عليه ركامًا.
باختصار؛ صار ذلك القارب أثرًا بعد عين، فوقف بين تلك الركام لايدري ما يفعل، أخذ يبحث عن صديقه أحمد، فما إن لقاه حتى عرض عليه أن يشاركه، ولكن أحمد رفض، فقد كان يرى أن إصلاح ذلك القارب والعودة إلى البحر مرة أخرى ضرب من ضروب الخيال.
ولكن حسن لم يأبه لرفضه، فقد تملكت الفكرة من ذهنه، واستولى ذلك الهدف على كل تفكيره، فهو قد حدد هدفه في إعادة بناء تلك القوارب مرة أخرى، والذهاب بها إلى تلك الجزيرة الجميلة التي طالما سمع عن الطبيعة الخلابة فيها.
ولكن عدم قدرته على ركوب البحر وقفت عائقًا في طريقه، فأخذ يفكر في شخص آخر، حتى اهتدى إلى صديق قديم لم يرَه منذ مدة بعيدة يُدعى سعيد.
اتصل به حسن، ولما عرض عليه الفكرة؛ لاقت عنده القبول، بل تعدى الأمر إلى أن أتى إليه بصديقين يريدان أن يشاركا في تحقيق ذلك الهدف، وبدأ ذلك الفريق المكون من أربعة أفراد رحلة إعادة أمجاد الماضي، رحلة إعادة تأهيل ذلك القارب.
ومرت الشهور والفريق يبذل الوقت والجهد في ذلك، والجميع من حولهم يثبطونهم، ولكن كان في أنفسهم همة وإيجابية لا تثبطها نظرات استهزاء، أو كلمات استنكار، حتى وفقهم الله إلى إعادة جزء كبير من رونق ذلك القارب، وبدأت اللحظة الحاسمة، فالقارب لم يُصنع لكي يبقى على الشاطئ، ولكن ليمخر عباب البحار، قاصدًا وجهته، ناشرًا أشرعته، متحملًا صدمات الأمواج، والرياح العاتية.
وبالفعل، خرج الأربعة في رحلتهم الأولى في بحار لم يألفوها، ولكنها الحماسة أخذت تدفعهم دفعًا لخوض غمار المجهول، ومرت الأيام الأولى بسلام؛ فالبحر هادئ، ولكن كما تقول الحكمة: (البحر الهادئ لا يصنع البحار الناجح).
وظلوا على ذلك أيامًا، حتى أتى ذلك اليوم الذي بدت السماء فيه ملبدة بالغيوم، والأمواج تأذن بحرب لا هوادة فيها، أما الرياح فصوتها يسبق هبوبها.
الماء بدأ يتسرب إلى القارب، والأشرعة بدأت تمزقها الرياح العاتية، بدأت الآراء تختلف؛ فواحد يقول: (فلندع السفينة ونقفز)، وآخر تأخذه الحماسة فيعلن الثبات حتى لو كان الهلاك، وثالث يفكر في كيفية إزالة المياه المتراكمة.
ولما تقطعت بهم السبل؛ بدأ الثلاثة ينظرون إلى حسن، فهو قائد تلك المسيرة حينما كانت على الشاطئ، والأصوات التي اختلفت في كيفية الخروج من الأزمة بدأت تتفق على سؤال واحد: (ماذا سنفعل يا حسن؟! ماذا سنفعل أيها البحار العظيم؟!).
لحظة من فضلك:
وهنا أسألك عزيزي القارئ؛ ماذا عساه حسن أن يفعل، وهو لم يقد قاربًا قبل ذلك، ولا يعرف كيف يفعل في مثل هذه المواقف؟!
فالحياة بمثابة السفينة التي تمخر عباب البحار، وتخترق أمواجه العاتية، ولابد لهذه السفينة من ربَّان على دفة القيادة، حتى لا تستنفذ طاقتها، ويضيع عناء سيرها هباء.
فالقائد هو ربَّان يوجه السفينة إلى هدفها، ويخطط لمسيرتها، يتفاعل مع المشكلات والأعطال بإيجابية تسارع إلى تقديم الحلول، ويجمع طاقم السفينة على الهدف المشترك، ومن هنا؛ كان لابد من قيادة تجمع بين وضوح الهدف وجلاء التخطيط.
وهي قيادة تتنفس الإيجابية، وتعشق العمل ضمن فريق يسير نحو الهدف المنشود، فتعالَ بنا نخوض لنتعلم في طيات فصول هذا الكتاب كيف تكون القيادة؟ وما هي ركائز القائد الفعال؟ وكيف تستطيع هذه الأمة أن تعيد أمجادها من خلال مجموعة من القادة يبعثون الأمل فيها من جديد؟ ونجيب عن كل هذه الأسئلة وأكثر إن شاء الله من خلال سلسلة فن القيادة.
لهذه الأسباب نحتاجها:
ولعلنا سندرك بإذن الله في طيات السطور القادمة ما لهذه القيادة الفعالة من أهمية كبيرة، وضرورة بالغة؛ ومنها ما يلي:
1. نبع لا ينضب:
إن القيادة بمثابة ينبوع حماس لا ينضب، ينبوع يذكي الهمم، ويفجر الطاقات، ولا يكتفي بذلك، بل يوجه تلك الهمم والطاقات إلى ما يفيد وينفع، وهي أيضًا ينبوع من المعرفة يواكب المتغيرات المحيطة، ويوظفها لصالح المجموع.
2. تربية وتنشئة:
فلا تقتصر أهمية القيادة في استثارة الهمم وتفجير الطاقات، ولكنها تتعدى ذلك بمراحل، فيقع على عاتقها مهمة التربية والتنشئة من خلال تدعيم السلوك الإيجابي وتنميته، ومحاربة السلوك السلبي ومحوه، بل تحمل القيادة على عاتقها أمر تدريب أفرادها ورعايتهم.
3. الملجأ والمخرج:
فإن من أهم الأمور التي تميز القيادة هي أنها تسيطر على المشكلات وترسم الخطط اللازمة لحلها، فحين تضيق السبل وتتعقد الأمور؛ تتعلق الأنظار وتشرئب الأعناق نحو القيادة، فهي مخزن الحلول ومستودعها.
باختصار؛ يمكن أن نطلق على القيادة أنها ربَّان سفينة الحياة، فهي الطاقة الدافعة، والدفة الموجهة، ولعلنا نستطيع أن نلخص أهمية القيادة في كلام "الأفوه الأودي" ذلك الشاعر العربي؛ حين يقول:
لا يصلح الناس فوضى لا ســـراة لــهم ولا ســـراة إذا جـهـالـهـم سـادوا
والبـيــت لا يــُبـتنى إلا علـى عـمد ولا عــمـاد إذا لــم تـرس أوتــاد
فـإن تـجـمـــع أوتـــاد وأعـمـدة وســاكــن أبــلغوا الأمر الذي كادوا
مفهوم القيادة:
الكلمة التي حيرت العقول:
ويعتبر تحديد ماذا نعني بكلمة القيادة من أكثر الأمور التي حيرت الإنسان من مشرق الأرض إلى مغربها، وهذا ما يؤكده "بيرنز" حين يقول: (القيادة هي من أكثر الظواهر على الأرض وضوحًا، وأقلها إدراكًا).
ولعل من التعريفات التي تُذكر للقيادة تعريف "وليام كوهين" في كتابه فن القيادة، حين يقول: (القيادة هي فن التأثير على الآخرين لبذل أقصى ما في وسعهم لتنفيذ أية مهمة أو هدف أو مشروع).
بل إن أمر القيادة ليتعدى التأثير على الناس لتحقيق بعض المهام وإنجاز الأهداف، بل إنه يستطيع أن يستحث الناس على فعل أمور كانت في مخيلتهم أنها أمور مستحيلة التحقيق، وهذا ما أكدته "آلن كييث" حين قالت: (إن القيادة في مجملها عملية استحداث طريقة، تمكِّن البشر من أداء الأشياء غير الطبيعية).
لسان العرب فصيح:
ولكن المعنى اللغوي لكلمة القيادة ليعطي لنا لمحة في غاية الروعة عن معنى القيادة وصفات القائد، حين يطالعنا لسان العرب بمعنى كلمة القيادة؛ فيقول: القيادة نقيض السَوْق، يُقال: يقود الدابة من أمامها ويسوقها من خلفها، وفي ذلك المعنى إشارة إلى أن مكان القائد وهو المقدمة، ليكون دليلًا لأتباعه على الخير ومرشدًا لهم إلى ما فيه صلاحهم؛ ولذلك كان هناك قول مأثور يقول: (إذا كنت إمامي؛ فكن أمامي).
تعريف موجز:
ويمكن مما سبق أن نصل إلى مفهوم يجمل تلك التعريفات التي تصف معنى القيادة في تعريف جامع؛ ألا وهو أن: (القيادة هي عملية تحريك الناس نحو الهدف)، فيتضح لنا من خلال هذا التعريف أن للقيادة ثلاثة عناصر رئيسية؛ وهي:
1. وجود الأهداف التي تذكي الهمم، وتفجر الطاقات والإمكانات.
2. وجود مجموعة من الأفراد تحدوهم الآمال للوصول إلى تلك الأهداف.
3. وجود قائد يجعل من تلك الآمال في الوصول إلى الأهداف حقيقة واقعة متحققة.
ولكن ... لمن هذه السلسلة؟
ربما يظن البعض حينما يسمع كلمة القيادة أننا نتحدث عن صنف معين من الناس، أو أن كلامنا موجه لفئة دون أخرى، ولكن القيادة وما ينضوي عليها من مسئوليات، وما تحويه من مهام جسام، لابد أن تكون مطمحًا لكل مؤمن فعال، يريد خيري الدنيا والآخرة.
كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته:
فالقيادة لا تتوقف على شكل من الأشكال ولا صورة من الصور، وهذا ما أخبرنا به الصادق المصدوق r حين قال: (ألا كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته؛ فالإمام الذي على الناس راعٍ وهو مسئول عن رعيته، والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده وهي مسئولة عنهم، وعبد الرجل راعٍ على مال سيده وهو مسئول عنه، ألا فكلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته) [متفق عليه].
إذًا فحديث النبي r يضع على عاتقك أيها المؤمن الفعال مسئولية جسيمة، ويجعل في عنقك أمانة عظيمة، فإن الله تعالى قد اجتباك من مخلوقاته فكرمك؛ فقال: {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم}[التين: ٤]، ثم اصطفاك من خلقه بهذا الدين العظيم، وهذه الرسالة المباركة، فمن يتصدر إلى القيادة إن فرطت؟! ومن سينقذ تلك البشرية إن اعتزلت؟!
الفرق بينهما كبير:
ولعل كثيرًا من الناس يختلط عنده مفهوم القيادة بمفهوم الإدارة، فيحسب أنهما وجهان لنفس العملة، ولكن ذلك بعيد عن الصواب، فالإدارة تركز على الإنجاز والأداء في الوقت الحاضر، بينما تركز القيادة على العلاقات الإنسانية وتهتم بالمستقبل.
ولذلك تحرص الإدارة على المعايير وإتقان الأداء وحل المشكلات، والاهتمام باللوائح والنظم واستعمال السلطة، في الحين الذي تحرص عليه القيادة هو التأكد من عدم الخوض إلا في المهم من الأمور، وتهتم بالرؤية والتوجهات الاستراتيجية، وتمارس أسلوب القدوة والتدريب وقضاء الأوقات الطويلة مع الأتباع، والاهتمام بحياتهم واستقرارهم النفسي والأسري.
خاتمة:
ولكن هناك سؤال هام ما هي صناعة القائد؟ وهل الصفات القيادية تكتسب أم نولد بها؟ وهذا ما نتعرف عليه في المقالات القادمة بإذن الله تعالى.
أهم المراجع:
1. صناعة القائد، طارق سويدان وفيصل باشراحيل.
2. فن القيادة، ويليام كوهين.
3. القيادة تحد، جيمس كوزوس وباري بوزنر.
4. لسان العرب، ابن منظور
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى